المقدمه
ان من أهم وأبرز مباحث الفلسفة نجد الأخلاق : حيث تعرف على أنها مجموعه من مبادئ المعيارية التي ينبغي أن يجري السلوك البشري بمقتضاها فهي التي ترسم لنا طريق السلوك الحميد وتحدد أهدافه وبواعثه كما تحدد لنا طريق السلوك الرذيل وتقتفي أثاره وهذا بناء على القيمة التي تحددها من خير أو شر ولقد اختلفت أراء الفلاسفة والمفكرين حول أساس القيمة الأخلاقية فمنهم من اعتبرها ثابته مطلقة وواحده ومنهم من يرى عكس ذلك على أنها نسبية ومتغيرة ومتعدده وانطلاقا من هذا التعارض نطرح الاشكال التالي : هل الأخلاق متغيره ونسبية وتتغير بتغير الزمان ومكان أم أها ثابته ومطلقه لا تتغير بتغير الزمان ومكان ؟
هل الاخلاق ثابتع أم نسبية؟
هل الأخلاق واحده أم متغيره؟
هل الأخلاق ماهو كائن أم ماينبغي أن يكون؟
العرض :(محاولة حل المشكلة)
عرض منطق الأطروحة: " القيمة الخلقية مطلقة"
إن القيمة الخلقية مطلقة ثابتة لا تتغير مهما تغير الزمان و المكان و يتبنى هذا الموقف كل من "الأشاعرة،المعتزلة،أفلاطون و كانط" و حججهم في ذلك مايلي:
إن الأخلاق جزء جوهري من الدين فنحن نتعلم القيمة الخلقية و نمارسها من خلال الدين ، ففي الكتب السماوية و القرآن بصفة خاصة تعاليم أخلاقية سامية كذلك في سنة الرسول صلى الله عليه و سلم قيم أخلاقية عالية و قد صوره القرآن نموذجا أخلاقيا عظيما قال تعالى {{ و إنك لعلى خلق عظيم }} فالدين في جوهره أوامر و نواهي أخلاقية قالى تعالى{{ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون}}. فالدين يشكل بعدا أخلاقيا نستند إليه في تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الإبتعاد عن الشر
و ترى المعتزلة أن القيمة الخلقية مرتبطة بالعقل أي أن العقل هو المثبت لخيرية الأفعال و شريتها لكونه يستطيع أن يدرك و يميز بين ماهو حسن وماهو قبيح أما الدين فجاء مخبر عما في العقل فقط و يقول إبن مسكويه " و إذا قد تبين أن سعادة كل موجود إنما هي في صدور أفعاله الإنسانية عنه بحسب تمييزه و رويته"
فالناس أدركوا الحسن والقبح قبل نزول الوحي بدليل أن القيم الأخلاقية التي جاء بها الدين الإسلامي أستقبلت بتلقائية كبيرة لإنسجامها مع العقل و ما المعارضات التي لقيها الدين إلا نتيجة لمصالح مادية و ليس لإختلاف القيم.
أما الأشاعرة فترى أن حسن الأفعال و قبحها مصدره الدين فالدين هو المثبت لخيرية الافعال و شريتها لأن الأفعال لا تحمل ما يشير إلى كونها حسنة أو قبيحة و إنما تصبح كذلك بالامر و النهي الإلهي يقول أبو الحسن الأشعري"إن الخيرو الشر بقضاء الله و قدره "و يقول إبن حزم" الخيرو الشر ما أمرنا الله به و الشرو القبح ما نهانا عنه"
فالشرع هو المثبت للقيم الأخلاقية و لو كان العقل كافيا لما بعث الله تعالى الأنبياء لهداية الناس
كما يرى الفلاسفة العقليون أن القيمة الخلقية مطلقة لأن مصدرها هو العقل فالعقل هو أهم ما يميز الإنسان و يرفعه فوق عالم الحيوان لذلك يجب إتخاذه كمرجع لكل القيم الخلقية فالإنسان كائن عاقل بالدرجة الأولى و عقله ليس ملكة للفهم فقط بل هو مصدر للفعل الأخلاقي ،حيث يرى سقراط أن الأخلاق أساسها المعرفة فمن يعرف الخير يفعله ومن يعرف الشر يمتنع عنه حيث يقول " إن الفضيلة علم و الرذيلة جهل" و يقول كذلك " الإنسان لا يصبح شريرا عن معرفة و قصد ". أما أفلاطون فيعتقد بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الأقصى هو الخير الأسمى المطلق و معرفة هذا العلم و في كل ما نرغب فيه يكون عن طريق العقل حيث يقول " إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة " فالخير في نظره يوجد في عالم المثل الذي لا يدركه إلا العقل فهو حقيقة مثالية سامية على الوجود الواقعي فعالم الحس الذي نعيشه وندركه بحواسنا ما هو إلا ظل والعالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يحوي الحقائق المطلقة بمن فيها القيم الأخلاقية وعلى هذا يرى أن العدل المطلق والجمال المطلق والخير الأسمى معاير توجد في عالم المثل ولا يمكن أن يصل الإنسان إليها بحواسه لأن النسبي لا يدرك المطلق ومنه فالقيم الأخلاقية في نظر أفلاطون ذات كيان مستقل وثابت وهو ما يجعلها موضوعية ومطلقة،
اما كانط فيرى أن الأخلاق هي إمتثال للواجب الأخلاقي و هو إلزام داخلي تفرضه الإرادة الخيرة التي تنبعث من أعماقنا ولا تعمل لمصلحة أو منفعة بل لذاتها " الواجب من أجل الواجب" فالفعل الأخلاقي عند كانط يجب أن يكون صادرا عن الإرادة الخيرة " النية الطيبة" "
كما يضع كانط لهذا الفعل الأخلاقي ثلاث قواعد أساسية هي:قاعدة التعميم " إفعل كما لوكان على مسلمة فعلك أن ترتفع إلى قانون طبيعي عام " قاعدة الغائية "إعمل على نحو تعتبر فيه الإنسانية في نفسك و في الآخرين غاية لا وسيلة " وكذا قاعدة الحرية "إعمل بحيث تكون إرادتك بإعتبارك كائنا عاقلا هي بمثابة تشريع عام"
نقد ومناقشة: رغم أن النظرة الدينية والعقلية تحاول تأسيس أخلاق سامية ومشتركة إلا أن الواقع يثبت أن القيم الأخلاقية ليست واحدة بل هي متعددة كما أن أحكام العقل لا يمكن اعتبارها مطلقة وثابتة لأن العقل في ذاته قاصر يقول بياجي " يدا كانط نقيتان لكنه لا يملك يدان" و يقول شوبنهاور
"إن الواجب الكانطي قانون سلبي يصلح لعالم الملائكة لا لعالم البشر"
عرض نقيض الأطروحة: "القيم الخلقية نسبية متغيرة"
إن القيم الخلقية متغيرة نسبية فهي تختلف من مجتمع لآخر و من زمن لآخر فما هو خير في مجتمعنا و في زمننا هذا قد يكون شرا في مجتمع آخر و في زمن آخر و يمثل هذا الموقف كل من :علماء الإجتماع"دوركايم،ليفي برول"و أنصار اللذة و المنفعة "أرستيب،أبيقور،،جيريمي بنتام" و حججهم في ذلك ما يلي:
يرى علماء الإجتماع أن الفعل الأخلاقي وليد المجتمع فالاخلاق ظاهرة إجتماعية تبدأ حيث تعلق الأمر بالجماعة و الفرد يجدها تامة التكوين في المجتمع الذي يولد فيه و يكتسبها عن طريق التنشئة و التربية الإجتماعية حيث يقول دوركايم "إن الأخلاق تبدأ حيث تبدأ بالجماعة" و يقول كذلك" المجتمع ليس سلطة أخلاقية فحسب بل أن كل الدلائل تؤكد أن المجتمع هو النموذج و المصدر لكل سلطة اخلاقية"، يقول دوركايم " لسنا سادة قيمنا بل نحن ملزمون و الذي يلزمنا هو الضمير الجمعي " و يقول كذلك "حينما يتكلم ضميرنا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا" و يقول ليفي برول " الضمير الخلقي ليس إلا صدى للضمير الجمعي"
و يعتبر ليفي برول الأخلاق ظاهرة إجتماعية لها قوانينها و نفى وجود أخلاق عامة مطلقة يقول دوركايم " لكل مجتمع أخلاقه " و يقول مونتاني"إن الحكم الأخلاقي يتغير بتغير المجتمعات و الثقافات".
كما يرى النفعيون أن القيم الخلقية نسبية لأنها مرتبطة بالمنفعة ،فالسعادة هي غاية الحياة بل هي غاية الغايات التي يطمح إليها الإنسان و لا تتحقق هذه السعادة إلا بتحصيل اللذات و تجنب الالام من هنا كانت اللذة هي الخير والألم هو الشر لذلك يقول أبيقور "إن السعادة أو اللذة هي غاية الإنسان ولا خير في الحياة إلا اللذة ولا شر إلا الألم" فالفعل الأخلاقي يجب أن يكون موافقا للطبيعة البشرية التي تطلب اللذة و تنفر من الألم حيث يقول أرستيب"اللذة صوت الطبيعة" و يرى أرستيب أن اللذة هي مقياس القيمة الخلقية فالخير كل ماهو لذيذ و الشر كل ماهو مؤلم حيث يقول " اللذة هي الخير الأعظم و هي مقياس كل القيم الاخلاقية "و يؤكد على ضرورة تحقيق اللذات الجسمية و المادية مثل "الأكل، الشرب، النوم،كثرة المال،الترفيه..إلخ" اما أبيقور فيؤكد على أن اللذات العقلية و الروحية أهم من اللذات الجسمية و أن خير اللذات التي يطلبها الإنسان هي "طمأنينة العقل و راحة النفس و الصداقة...إلخ"
كما يرى أنصار المنفعة العامة "بنتام و ج.س.مل" أن الفعل يكون خيرا إذا كانت نتيجته تحمل منفعة "الأفعال بالنتائج لا بالنوايا" حيث يؤكد بنتام على أن كل ما يحقق أكبر قدر من المنفعة و السعادة لأكبر عدد من الناس هو مقياس الأخلاق و اساسها "المنفعة العامة" فتحقيق المنفعة العامة يقلل الألم الفردي فالخير هو ما يكون نافعا لنا و ماهو نافع لنا يجب أن يكون نافع لغيرنا في نفس الوقت يقول في هذا ج س مل "إن قاعدة السلوك الأخلاقي هي بالضرورة أن نفعل من أجل الآخرين،ما نحب أن يفعلوه من أجلنا" و لتحقيق هذه المنفعة العامة وضع "بنتام" مقاييس لحساب اللذات هي :الشدة المدة النقاء القرب و الإمتداد يقول بنتام " المنفعة قيمة كل القيم و على الإنسان أن يحقق أكبر قدر من المنافع " و يقول ج س مل " إن أكبر منفعة هي تحقيق سعادة الجميع فكلما كان الخير مشتركا كلما كان قاعدة صحيحة لبناء الأخلاق "
نقد ومناقشة:رغم ما قده هذا الطرح إلا أن ربط الأخلاق بالمجتمع و المنفعة مساس بقداستها فرغم دور المجتمع في تنشئة الفرد أخلاقيا إلا أن إعتبار الأخلاق ظاهرة إجتماعية مبالغ فيه فليس كل ما يمدنا به المجتمع اخلاقي بالضرورة بدليل ثورة العديد من المصلحين على عادات و قوانين المجتمع الجائرة "التمييز العنصري" كما أن نظرية اللذة ساوت بين الإنسان والحيوان
التركيب:
يمكن القول أن القيم الأخلاقية فيها ما هو نسبي وفيها ما هو مطلق فالأخلاق ثابتة في مبادئها وأهدافها ومتغيرة ونسبية من حيث تطبيقاتها ووسائلها ،فالصدق والأمانة والعدل قيم أخلاقية مطلقة وثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان لكن تطبيقاتها تختلف لأن هدف أي نظام أخلاقي هو جلب المصالح و درء المفاسد
خاتمه : (حل المشكلة)
و في ختام هذا التحليل نستنتج أن الأخلاق قيم ثابتة كمبادئ ومعاملات متغيرة ونسبية كسلوكات فهناك قيم متغيرة تبعا لتغير الزمان و المكان و الظروف وهناك قيم ثابتة مطلقة وواحدة في كل المجتمعات و العصور
ان من أهم وأبرز مباحث الفلسفة نجد الأخلاق : حيث تعرف على أنها مجموعه من مبادئ المعيارية التي ينبغي أن يجري السلوك البشري بمقتضاها فهي التي ترسم لنا طريق السلوك الحميد وتحدد أهدافه وبواعثه كما تحدد لنا طريق السلوك الرذيل وتقتفي أثاره وهذا بناء على القيمة التي تحددها من خير أو شر ولقد اختلفت أراء الفلاسفة والمفكرين حول أساس القيمة الأخلاقية فمنهم من اعتبرها ثابته مطلقة وواحده ومنهم من يرى عكس ذلك على أنها نسبية ومتغيرة ومتعدده وانطلاقا من هذا التعارض نطرح الاشكال التالي : هل الأخلاق متغيره ونسبية وتتغير بتغير الزمان ومكان أم أها ثابته ومطلقه لا تتغير بتغير الزمان ومكان ؟
هل الاخلاق ثابتع أم نسبية؟
هل الأخلاق واحده أم متغيره؟
هل الأخلاق ماهو كائن أم ماينبغي أن يكون؟
العرض :(محاولة حل المشكلة)
عرض منطق الأطروحة: " القيمة الخلقية مطلقة"
إن القيمة الخلقية مطلقة ثابتة لا تتغير مهما تغير الزمان و المكان و يتبنى هذا الموقف كل من "الأشاعرة،المعتزلة،أفلاطون و كانط" و حججهم في ذلك مايلي:
إن الأخلاق جزء جوهري من الدين فنحن نتعلم القيمة الخلقية و نمارسها من خلال الدين ، ففي الكتب السماوية و القرآن بصفة خاصة تعاليم أخلاقية سامية كذلك في سنة الرسول صلى الله عليه و سلم قيم أخلاقية عالية و قد صوره القرآن نموذجا أخلاقيا عظيما قال تعالى {{ و إنك لعلى خلق عظيم }} فالدين في جوهره أوامر و نواهي أخلاقية قالى تعالى{{ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون}}. فالدين يشكل بعدا أخلاقيا نستند إليه في تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الإبتعاد عن الشر
و ترى المعتزلة أن القيمة الخلقية مرتبطة بالعقل أي أن العقل هو المثبت لخيرية الأفعال و شريتها لكونه يستطيع أن يدرك و يميز بين ماهو حسن وماهو قبيح أما الدين فجاء مخبر عما في العقل فقط و يقول إبن مسكويه " و إذا قد تبين أن سعادة كل موجود إنما هي في صدور أفعاله الإنسانية عنه بحسب تمييزه و رويته"
فالناس أدركوا الحسن والقبح قبل نزول الوحي بدليل أن القيم الأخلاقية التي جاء بها الدين الإسلامي أستقبلت بتلقائية كبيرة لإنسجامها مع العقل و ما المعارضات التي لقيها الدين إلا نتيجة لمصالح مادية و ليس لإختلاف القيم.
أما الأشاعرة فترى أن حسن الأفعال و قبحها مصدره الدين فالدين هو المثبت لخيرية الافعال و شريتها لأن الأفعال لا تحمل ما يشير إلى كونها حسنة أو قبيحة و إنما تصبح كذلك بالامر و النهي الإلهي يقول أبو الحسن الأشعري"إن الخيرو الشر بقضاء الله و قدره "و يقول إبن حزم" الخيرو الشر ما أمرنا الله به و الشرو القبح ما نهانا عنه"
فالشرع هو المثبت للقيم الأخلاقية و لو كان العقل كافيا لما بعث الله تعالى الأنبياء لهداية الناس
كما يرى الفلاسفة العقليون أن القيمة الخلقية مطلقة لأن مصدرها هو العقل فالعقل هو أهم ما يميز الإنسان و يرفعه فوق عالم الحيوان لذلك يجب إتخاذه كمرجع لكل القيم الخلقية فالإنسان كائن عاقل بالدرجة الأولى و عقله ليس ملكة للفهم فقط بل هو مصدر للفعل الأخلاقي ،حيث يرى سقراط أن الأخلاق أساسها المعرفة فمن يعرف الخير يفعله ومن يعرف الشر يمتنع عنه حيث يقول " إن الفضيلة علم و الرذيلة جهل" و يقول كذلك " الإنسان لا يصبح شريرا عن معرفة و قصد ". أما أفلاطون فيعتقد بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الأقصى هو الخير الأسمى المطلق و معرفة هذا العلم و في كل ما نرغب فيه يكون عن طريق العقل حيث يقول " إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة " فالخير في نظره يوجد في عالم المثل الذي لا يدركه إلا العقل فهو حقيقة مثالية سامية على الوجود الواقعي فعالم الحس الذي نعيشه وندركه بحواسنا ما هو إلا ظل والعالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يحوي الحقائق المطلقة بمن فيها القيم الأخلاقية وعلى هذا يرى أن العدل المطلق والجمال المطلق والخير الأسمى معاير توجد في عالم المثل ولا يمكن أن يصل الإنسان إليها بحواسه لأن النسبي لا يدرك المطلق ومنه فالقيم الأخلاقية في نظر أفلاطون ذات كيان مستقل وثابت وهو ما يجعلها موضوعية ومطلقة،
اما كانط فيرى أن الأخلاق هي إمتثال للواجب الأخلاقي و هو إلزام داخلي تفرضه الإرادة الخيرة التي تنبعث من أعماقنا ولا تعمل لمصلحة أو منفعة بل لذاتها " الواجب من أجل الواجب" فالفعل الأخلاقي عند كانط يجب أن يكون صادرا عن الإرادة الخيرة " النية الطيبة" "
كما يضع كانط لهذا الفعل الأخلاقي ثلاث قواعد أساسية هي:قاعدة التعميم " إفعل كما لوكان على مسلمة فعلك أن ترتفع إلى قانون طبيعي عام " قاعدة الغائية "إعمل على نحو تعتبر فيه الإنسانية في نفسك و في الآخرين غاية لا وسيلة " وكذا قاعدة الحرية "إعمل بحيث تكون إرادتك بإعتبارك كائنا عاقلا هي بمثابة تشريع عام"
نقد ومناقشة: رغم أن النظرة الدينية والعقلية تحاول تأسيس أخلاق سامية ومشتركة إلا أن الواقع يثبت أن القيم الأخلاقية ليست واحدة بل هي متعددة كما أن أحكام العقل لا يمكن اعتبارها مطلقة وثابتة لأن العقل في ذاته قاصر يقول بياجي " يدا كانط نقيتان لكنه لا يملك يدان" و يقول شوبنهاور
"إن الواجب الكانطي قانون سلبي يصلح لعالم الملائكة لا لعالم البشر"
عرض نقيض الأطروحة: "القيم الخلقية نسبية متغيرة"
إن القيم الخلقية متغيرة نسبية فهي تختلف من مجتمع لآخر و من زمن لآخر فما هو خير في مجتمعنا و في زمننا هذا قد يكون شرا في مجتمع آخر و في زمن آخر و يمثل هذا الموقف كل من :علماء الإجتماع"دوركايم،ليفي برول"و أنصار اللذة و المنفعة "أرستيب،أبيقور،،جيريمي بنتام" و حججهم في ذلك ما يلي:
يرى علماء الإجتماع أن الفعل الأخلاقي وليد المجتمع فالاخلاق ظاهرة إجتماعية تبدأ حيث تعلق الأمر بالجماعة و الفرد يجدها تامة التكوين في المجتمع الذي يولد فيه و يكتسبها عن طريق التنشئة و التربية الإجتماعية حيث يقول دوركايم "إن الأخلاق تبدأ حيث تبدأ بالجماعة" و يقول كذلك" المجتمع ليس سلطة أخلاقية فحسب بل أن كل الدلائل تؤكد أن المجتمع هو النموذج و المصدر لكل سلطة اخلاقية"، يقول دوركايم " لسنا سادة قيمنا بل نحن ملزمون و الذي يلزمنا هو الضمير الجمعي " و يقول كذلك "حينما يتكلم ضميرنا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا" و يقول ليفي برول " الضمير الخلقي ليس إلا صدى للضمير الجمعي"
و يعتبر ليفي برول الأخلاق ظاهرة إجتماعية لها قوانينها و نفى وجود أخلاق عامة مطلقة يقول دوركايم " لكل مجتمع أخلاقه " و يقول مونتاني"إن الحكم الأخلاقي يتغير بتغير المجتمعات و الثقافات".
كما يرى النفعيون أن القيم الخلقية نسبية لأنها مرتبطة بالمنفعة ،فالسعادة هي غاية الحياة بل هي غاية الغايات التي يطمح إليها الإنسان و لا تتحقق هذه السعادة إلا بتحصيل اللذات و تجنب الالام من هنا كانت اللذة هي الخير والألم هو الشر لذلك يقول أبيقور "إن السعادة أو اللذة هي غاية الإنسان ولا خير في الحياة إلا اللذة ولا شر إلا الألم" فالفعل الأخلاقي يجب أن يكون موافقا للطبيعة البشرية التي تطلب اللذة و تنفر من الألم حيث يقول أرستيب"اللذة صوت الطبيعة" و يرى أرستيب أن اللذة هي مقياس القيمة الخلقية فالخير كل ماهو لذيذ و الشر كل ماهو مؤلم حيث يقول " اللذة هي الخير الأعظم و هي مقياس كل القيم الاخلاقية "و يؤكد على ضرورة تحقيق اللذات الجسمية و المادية مثل "الأكل، الشرب، النوم،كثرة المال،الترفيه..إلخ" اما أبيقور فيؤكد على أن اللذات العقلية و الروحية أهم من اللذات الجسمية و أن خير اللذات التي يطلبها الإنسان هي "طمأنينة العقل و راحة النفس و الصداقة...إلخ"
كما يرى أنصار المنفعة العامة "بنتام و ج.س.مل" أن الفعل يكون خيرا إذا كانت نتيجته تحمل منفعة "الأفعال بالنتائج لا بالنوايا" حيث يؤكد بنتام على أن كل ما يحقق أكبر قدر من المنفعة و السعادة لأكبر عدد من الناس هو مقياس الأخلاق و اساسها "المنفعة العامة" فتحقيق المنفعة العامة يقلل الألم الفردي فالخير هو ما يكون نافعا لنا و ماهو نافع لنا يجب أن يكون نافع لغيرنا في نفس الوقت يقول في هذا ج س مل "إن قاعدة السلوك الأخلاقي هي بالضرورة أن نفعل من أجل الآخرين،ما نحب أن يفعلوه من أجلنا" و لتحقيق هذه المنفعة العامة وضع "بنتام" مقاييس لحساب اللذات هي :الشدة المدة النقاء القرب و الإمتداد يقول بنتام " المنفعة قيمة كل القيم و على الإنسان أن يحقق أكبر قدر من المنافع " و يقول ج س مل " إن أكبر منفعة هي تحقيق سعادة الجميع فكلما كان الخير مشتركا كلما كان قاعدة صحيحة لبناء الأخلاق "
نقد ومناقشة:رغم ما قده هذا الطرح إلا أن ربط الأخلاق بالمجتمع و المنفعة مساس بقداستها فرغم دور المجتمع في تنشئة الفرد أخلاقيا إلا أن إعتبار الأخلاق ظاهرة إجتماعية مبالغ فيه فليس كل ما يمدنا به المجتمع اخلاقي بالضرورة بدليل ثورة العديد من المصلحين على عادات و قوانين المجتمع الجائرة "التمييز العنصري" كما أن نظرية اللذة ساوت بين الإنسان والحيوان
التركيب:
يمكن القول أن القيم الأخلاقية فيها ما هو نسبي وفيها ما هو مطلق فالأخلاق ثابتة في مبادئها وأهدافها ومتغيرة ونسبية من حيث تطبيقاتها ووسائلها ،فالصدق والأمانة والعدل قيم أخلاقية مطلقة وثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان لكن تطبيقاتها تختلف لأن هدف أي نظام أخلاقي هو جلب المصالح و درء المفاسد
خاتمه : (حل المشكلة)
و في ختام هذا التحليل نستنتج أن الأخلاق قيم ثابتة كمبادئ ومعاملات متغيرة ونسبية كسلوكات فهناك قيم متغيرة تبعا لتغير الزمان و المكان و الظروف وهناك قيم ثابتة مطلقة وواحدة في كل المجتمعات و العصور

0 تعليق على موضوع : مقاله حول القيمة الخلقية Alakalk
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات